الحكومة تراقب وسائل الإعلام في معركة الموصل

mustafa_saadoun

مصطفى سعدون

تراقب الحكومة العراقيّة وسائل الإعلام المحليّة وغير المحليّة، التي تغطّي الأحداث الأمنيّة في البلاد بشكل كبير، خصوصاً تلك التغطيات المتعلّقة بالحرب ضدّ تنظيم “داعش”، وتحديداً معركة تحرير مدينة الموصل.

ففي ٢١ تشرين الثاني/نوفمبر من عام 2016، طردت قيادة العمليّات المشتركة التابعة للحكومة العراقيّة مراسلي صحيفة “الشرق الأوسط” السعوديّة، التي تحدّثت في تقرير اعتذرت عنه لاحقاً عن “وجود حالات حمل غير شرعيّ في مناطق جنوب العراق”.

ورغم أنّ تقرير صحيفة “الشرق الأوسط” لم يتحدّث عن تفاصيل أمنيّة تخص معركة تحرير الموصل أو أيّ حملة عسكريّة أخرى، إلاّ أنّ قيادة العمل المشتركة أصدرت أمراً بطرد مراسلي الصحيفة من كلّ الجبهات العسكريّة، التي يتواجدون فيها لتغطية المعارك.

وقالت قيادة العمليّات المشتركة في بيان صحافيّ أصدرته في ٢١ تشرين الثاني/نوفمبر: “بناء على ما نشرته جريدة الشرق الأوسط السعوديّة من افتراءات وأكاذيب وإساءة إلى قيم وأعراف الشعب العراقيّ، تقرّر طرد كلّ مراسل تابع إلى هذه الصحيفة المريضة ومنعه من التواجد في قواطع العمليّات كافّة فوراً”.

وأحدث ظهور لمراسل قناة “سكاي نيوز” عربيّة، التي تبث من دولة الإمارات العربيّة المتّحدة، لغطاً في الأوساط الأمنيّة العراقيّة، عندما تحدّث عن احتجاز القوّات الأمنيّة التابعة للحكومة العراقيّة مدنيّين نزحوا من مدينة الموصل ومنعتهم من شرب الماء.

وعلى أثر هذا التقرير، سارعت وبعد ساعات قليلة خليّة الإعلام الحربيّ الحكوميّة، إلى إصدار بيان تطلب فيه من قناة “سكاي نيوز” الاعتذار عمّا أورده مراسلها، لكنّ القناة لم تصدر حتّى اللّحظة أيّ ردّ على بيان الخليّة.

لكنّ مراسل “سكاي نيوز” في إقليم كردستان العراق هيوا عزيز ظهر بعد يوم من بيان الخليّة، وصحّح المعلومة التي تحدّث عنها سابقاً، بعد أن طالبته الحكومة العراقيّة عبر خليّة الإعلام الحربيّ بضرورة الإتيان بالأدلّة والمصادر التي دفعته إلى نقل تلك المعلومة “غير الصحيحة، هذا بحسب مصدر في قناة “سكاي نيوز” تحدّث لـ”المونيتور”.

وفي هذا الإطار، قال مسؤول خليّة الإعلام الحربيّ الحكوميّة سعيد الجياشي لـ”المونيتور”: “إنّ خليّة الإعلام الحربيّ لا تفرض شروطاً أو معلومات على وسائل الإعلام التي تغطّي المعارك لنقلها، لكنّها ترفض أيّ مخالفة للمعايير الصحافيّة في نقل المعلومة، فهي لا تريد المديح من وسائل الإعلام في أشياء لم تتحقّق، ولا ذمّاً بأشياء غير موجودة”.

أضاف: “إنّ الخليّة تتعامل ضمن المعايير الخاصّة بحريّة الصحافة، ولا تقيّد عمل المؤسّسات التي تسعى إلى تغطية المعارك، لكنّها لن تسمح لأيّ مؤسّسة أو صحافيّ بنقل معلومات مغلوطة، وحدث هذا وقمنا باستبعاد تسعة مراسلين محليّين من جبهات القتال يعملون لصالح قنوات عراقيّة محليّة”.

لدى خليّة الإعلام الحربيّ مجموعة إلكترونيّة، تضمّ مجموعة من الصحافيّين العاملين في المؤسّسات المحليّة العراقيّة أو المؤسّسات الأجنبيّة، وتعتبر المعلومات الصادرة من المسؤول عن تلك المجموعة، وهو أحد مسؤولي الإعلام في وزارة الداخليّة العراقيّة، دقيقة ويمكن اعتمادها.

وفي ٢٨ تشرين الأوّل/أكتوبر من عام 2016، طردت السلطات الأمنيّة العراقيّة مراسل قناة “العربيّة الحدث” أحمد الحمداني، الذي كان يغطّي معركة تحرير الموصل، “وأضرّ بها”، بحسب قيادة العمليّات المشتركة في العراق.

وذكرت خليّة الإعلام الحربيّ في بيان صحافيّ أنّ “قيادة العمليّات المشتركة أمرت بطرد مراسل قناة العربيّة الحدث من أرض المعركة فوراً بسبب تغطيته، التي أضرّت بالعمليّات العسكريّة، بعد نشره لأكاذيب وأخبار ملفّقة عن الرطبة والموصل”.

وبقي مراسل القناة، التي تبث من مدينة دبي الإماراتيّة وتموّلها السعوديّة، خارج حدود جبهات القتال، واكتفى بالظهور من حدود مدينة أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق المتاخمة للحدود مع محافظة نينوى.

في العراق تدور دائماً فكرة لدى الأوساط الأمنيّة أنّ قناة “العربيّة الحدث” من القنوات التي لا تتلاءم سياستها مع سياسة البلاد في حربها ضدّ الإرهاب، أو العمليّة السياسيّة التي حدثت في العراق بعد عام 2003، وهذا الأمر يشكّل أحد الأسباب، التي أدّت إلى خلق حال من التشنّج المستمرّ بين السلطات العراقيّة وتلك القناة.

كما أنّ وجود صحافيّة من قناة إسرائيليّة تغطّي المعارك ضدّ “داعش”، أثار لغطاً كبيراً في الشارع العراقيّ، ودفع بالسلطات الأمنيّة هناك إلى طردها من جبهات القتال، بعدما دخلت عن طريق إقليم كردستان بتأشيرة دخول غير ممنوحة من الحكومة الإتحاديّة في العراق.

واليوم، تركّز الحكومة العراقيّة في شكل كبير على أهميّة الإعلام في المعركة التي تسعى من خلالها إلى تحرير مدينة الموصل، بعد أن رأت ضرورة توحيد الخطاب الإعلاميّ للمؤسّسات المحليّة العراقيّة، حتّى وإن اختلفت في التوجّهات السياسيّة.

وهذا التركيز جاء بعد فشل الإعلام الحكوميّ في العراق خلال الأعوام الماضية بالتصدّي للشائعات، التي كانت تُبث للمواطنين العراقيّين. وهناك من يتحدّث في العراق عن أنّ المدن العراقيّة سقطت في يدّ تنظيم “داعش” إعلاميّاً قبل أن تسقط عسكريّاً.

ونتيجة لمخاوف العراق من احتمال أن يخسر المعركة الإعلاميّة، سعى إلى تشكيل ما يسمّى بتحالف الإعلام الوطنيّ، وهذا التحالف يضمّ مجموعة من المؤسسّات الإعلاميّة العراقيّة، وترأسه قناة “العراقيّة” شبه الرسميّة.

وقامت الحكومة العراقيّة بتشكيل لجنة خاصّة تحت إشراف خليّة الإعلام الحربيّ وعدد من الصحافيّين المستقلّين، ومن دون الحصول على موافقة تلك اللّجنة لا يمكن لأيّ جهة إعلاميّة تغطية المعارك ميدانيّاً.

وفي المحصّلة، رغم المراقبة والتدقيق الكبيرين للّجان المشكّلة من الحكومة العراقيّة لمراقبة تعامل وسائل الإعلام المحليّة وغير المحليّة مع معركة الموصل، فلن تكون قادرة على كشف كلّ وسائل النشر المكتوبة والمسموعة والمرئيّة، لكنّ التركيز عادة ما يكون على وسائل الإعلام ذات التأثير الكبير، والتي تحظى بنسبة كبيرة من المتابعين.

 

المصدر : المونيتور

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Betzoid Showcases: New $300 No Deposit Bonus Casinos in Australia