بس تعالوا.. ألم الوجع العراقي الغائر في الجسد!!
حامد شهاب
ما إن تخفق كلمات أغنية ” بس تعالوا” الى مسامعنا كعراقيين مولعين بعشق الأحبة ونيرانهم التي تستعر بين ثنايا القلوب، حتى نشعر أننا أمام ملحمة غنائية موسيقية غاية في الإلهام والوجد ، ترتقي الى ان تكون من جواهر الشعر الشعبي العراقي، حيث أبدعت شخصية الشاعر الشعبي سعدون قاسم في تصوير لواعج ومآسي وآهات الشخصية العراقية، وترى السكاكين وكأنها تمر بين ثنايا الجسد لتقطع أحشاءه، وهو يتلظى بنيران تلك المشاعر الجياشة التي تتراقص كلماتها أسى ولوعة لفراق الأحبة وأمنيات لرؤية من يعشقون، وكان رؤيتهم أصبحت حلما أقرب الى المستحيل!!
الشاعر سعدون قاسم، لم يكتب أغنية فحسب، بل كتب تراجيديا الملهاة العراقية بكل شفافيتها وبساطتها ومرها وحلوها ، وجاء المطرب الكبير كريم منصور ليحول حروف تلك الملحمة الى شحنات تتصاعد ذرات أنينها الى السماء، واذا بالحجر يتفتت ، والحصى يذوب من شدة ما خلفه الوجع العراقي من صرخة ضمير ملائكية، تتوجه بكل كلمات الرجاء والأسى واللوعة، وهي تنساب بين أحشاء الروح لتزيدها عذوبة وشجنا والقاء وكبرياء، ولتؤكد ان الشخصية العراقية الغائرة في عذاب الروح ، هي من تجسد المعنى الانساني للعشق الذي يرتقي الى مصاف من كانت لهم منازل رفيعة ، وبقيت كتب تاريخ وقصص العشق، تسرد لنا حكايات كثيرة، وهي تقلب أوجاع القلب على نار هادئة، ليصل لظاها الى اعالي السماء، حيث تقدر الملهاة الالهية حجم المأساة ووجع المكابدة ، ويروح القلب يتوزع بين ثنايا أنين الألم، وهو يرى دماءه تنضح ، وتسيل على مقربة من خلجان العشق، عله يكون بمقدوره ان يروي قلوب العشاق، ويخفف عنهم عبء المصاب!!
كلمات أغنية ” بس تعالوا” عالم موسيقي قلما ابدعته الحنجرة العراقية ، وأنت ترى عصارة القلوب تنضح لواعجها دما يغلي ، ليصيب أجزاء الجسد ويصيبها بشلل تام، لكنه يهوى البقاء في عالمها السرمدي ، كونها تشكل ملحمة شعرية ، تعبر عن لواعجه وأخيلته وأمانيه، بكل ما يظهر معادن تلك الشخصية الشفافة العذبة الرقيقة المستسلمة لمن تهوى، وهي تضع أغلى ما تملك إن شعرت انها تقترب من حلم اللقاء المرتقب، لكن علامات الأسى واللوعة والحرمان هي حصاد تلك القلوب التي اكتوت بنار الحرمان والبعاد ، وها هو قلب العاشق حين تصدح حنجرته، يحول حتى الحدائق الى زهور تتراقص، ويتحرك الحجر ويتفتت الى ذرات، بعد إن لامسته احاسيس الطرب، واذا بالروح تنفخ في سيقانه وأواراقه، لتزدهي بها ، وهي تسر الناظرين برونقها الجميل!!
وأعرض في أدناه ، بعض كلمات تلك الأغنية ، الأكثر من روعة، والتي حفرت في الوجدان العراقي أخاديد من الشعور بالألم الغائر في الجسد ، لكنه يرتضي بهذا الوجع ، وهو يراه أهم ما في النفس البشرية من آمال وأحلام وتمنيات مشروعة ..تعالوا معنا لنطوف بين حنايا القلب العراقي وبين ضلوعه، علها تشفي غليلنا الى ما يرتقي بالروح الى سمو عليائها ..لتحلقوا بعيدا في أجواء الحزن العراقي وألمه العذب ، وروحه المرحة التي تجد في تعذيب الجسد ، تفريغا لشحناتها، وتنفيسا عن كربات فراق الأحبة ، وهو ما ستجده في كلمات تلك الأغنية التي تعد من أروع ما نسجته قريحة الشاعر من حروف ، وما أبدعت به من شجن وهيام..!!
بس تعالوا..
وفرحوا روحي معذبتني تريدكم
سهري ما مر عالليالي
حالي حال الشمعة حالي
والله لو احجيلكم
من أول حجاية تهلّ دموعكم
***
بس تعالوا.
وفرحوا روحي مدولبتني تريدكم
……………….
بس تعالوا..
ولو إجيتوا
جفوفنا نحنّيها
وكَلوبنا الما تنسى همكم هلبت انسيها
هلبت بختنا يجيبكم
ونشم روايح طيبكم
وما أصدّك حتى لو جيتوا وكَعدتوا
عيوني احس بيهن غشا وما كَولن انتوا
لأن صرتوا مستحيل
لا تجوني لانهار ولا بليل
صرتوا بس ذكرى عزيزة وما تغيب
صرتوا بس جروح بيه وما تطيب
***
بس تعالوا..
ولو إجيتوا
كل عزيز بعمري اطشَّنَّه فدى لعيونكم
https://www.youtube.com/watch?v=I0wFCOMJPPs