
اسم مصطفى الكاظمي يعود بقوة وسط صراع محموم على رئاسة الحكومة القادمة
المستقلة / خاص – تشهد الساحة السياسية العراقية حراكًا غير معلن آخذًا في التوسّع تدريجيًا مع اقتراب موعد الانتخابات المقبلة، وسط تداول متزايد لأسماء عدة مرشحين لتولي رئاسة الحكومة القادمة.
وفي هذا السياق، يبرز اسم رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي كأحد أبرز الأسماء المطروحة، مدعومًا من أطراف إقليمية ودولية، في وقت تتصاعد فيه الانقسامات داخل القوى الشيعية، التي لم تحسم بعد موقفها من بقاء رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني أو التوجه نحو شخصية توافقية جديدة.
وكشف مصدر سياسي مطّلع لـ«المستقلة»، أن الكاظمي يحظى بدعم مباشر من الإدارة الأمريكية وبعض العواصم العربية المؤثرة، كما أن اسمه بدأ يُطرح بشكل جدّي داخل أروقة قوى الإطار التنسيقي، حيث يحظى بقبول من عدد من الأطراف النافذة التي ترى فيه خيارًا وسطًا يمكن أن يحافظ على التوازن الداخلي والخارجي في ظل التحديات المتراكمة التي تواجه البلاد.
وأشار المصدر إلى أن مشاورات جرت مؤخرًا بين شخصيات سياسية عراقية ومسؤولين دوليين حول سيناريوهات المرحلة المقبلة، خصوصًا مع ازدياد المؤشرات على أن نتائج الدورة الانتخابية المقبلة ستكون أكثر تعقيدًا من سابقاتها، بسبب التنافس المحتدم داخل المعسكرات السياسية نفسها، وتحديدًا داخل الإطار التنسيقي.
في هذا السياق، يواجه رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني صعوبات متزايدة في سعيه للحصول على ولاية ثانية، رغم ما يبذله من جهود ميدانية وتحركات سياسية داخلية وخارجية. فالسوداني، الذي يبدو حريصًا على تقديم نفسه كشخصية معتدلة ومنفتحة على الجميع، يواجه معارضة صلبة من عدة قيادات داخل الإطار التنسيقي، وفي مقدمتهم زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، الذي لا يخفي طموحه بالعودة إلى رئاسة الحكومة.
ورغم أن المالكي يدرك حجم العقبات التي تحول دون ترشحه المباشر بسبب المعارضة الداخلية والإقليمية القوية، إلا أن موقعه داخل الإطار يمنحه نفوذًا سياسيًا كبيرًا قد يُمكّنه من التأثير الحاسم في اختيار رئيس الوزراء المقبل، إذا لم يكن هو نفسه، خصوصًا مع ترجيحات بتكرار سيناريو “المرشح التوافقي” نتيجة الانقسام داخل البيت الشيعي.
في هذا المشهد المربك، يبرز اسم مصطفى الكاظمي كخيار محتمل يوازن بين تطلعات القوى الداخلية ومصالح الشركاء الإقليميين والدوليين. فالكاظمي، الذي لا يزال يتمتع بعلاقات وثيقة مع واشنطن وعدد من العواصم العربية، يُنظر إليه على أنه شخصية يمكن أن تضمن الحد الأدنى من الاستقرار السياسي، وتُعيد بعض التوازن إلى علاقات العراق الخارجية، خاصة في ظل تصاعد الاستقطاب الإقليمي وتأثيراته المتزايدة على الداخل العراقي.
كما أن الكاظمي – وفق مصادر سياسية مطلعة – لا يمانع العودة إلى الواجهة في حال توفر توافق حقيقي يضمن له مساحة عمل مرنة، بعيدًا عن الضغوط التي كبّلت حكومته السابقة. ويُعتقد أن ترشيحه المحتمل لن يكون بمعزل عن تفاهمات إيرانية-أمريكية ضمنية، أو على الأقل ضوء أخضر إقليمي يسهّل تمريره كخيار غير تصادمي.
ويرى مراقبون أن مخرجات المرحلة المقبلة لن تُحسم بسهولة، وأن طبيعة التحالفات الجديدة بعد الانتخابات ستفرض واقعًا سياسياً أكثر تشابكًا، ما يجعل من سيناريو “المرشح التسووي” الأكثر ترجيحًا، سواء كان الكاظمي أو شخصية أخرى تتقاطع عندها مصالح الفرقاء المحليين والداعمين الخارجيين.
في المحصلة، يبقى اسم مصطفى الكاظمي حاضرًا بقوة في بورصة الترشيحات لرئاسة الحكومة المقبلة، بينما يخوض السوداني معركة صعبة للبقاء، ويواصل المالكي محاولاته لتوسيع نفوذه داخل الإطار التنسيقي، ما يعكس بداية صراع مبكر على السلطة ستكون له انعكاسات حاسمة على شكل الحكم في العراق بعد الانتخابات القادمة.





