‏‏العراق خارج قمة غزة… حكومة السوداني تعزل العراق عن محيطه الاقليمي والدولي

المستقلة /– في خطوة أثارت الكثير من التساؤلات، غاب العراق عن قائمة الدول المشاركة في قمة شرم الشيخ التي تُعقد بدعوة من مصر والولايات المتحدة، بمشاركة الرئيس عبد الفتاح السيسي والرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، إلى جانب قادة أكثر من 20 دولة بما فيها ايران، بهدف التوقيع على اتفاق مبدئي لوقف الحرب في غزة. هذا الاستبعاد اللافت لبغداد من اجتماع دبلوماسي رفيع المستوى يأتي في وقت حساس تمر به المنطقة، ويطرح تساؤلات جدية حول موقع العراق الإقليمي ودوره المتراجع في ملفات محورية تتعلق بالأمن والاستقرار.

مصادر سياسية ودبلوماسية مطلعة أكدت لـ“المستقلة” أن عدم دعوة الحكومة العراقية للمشاركة قد لا يكون صدفة أو سهوًا بروتوكوليًا، بل يعكس انطباعًا سائدًا في بعض الدوائر الدولية والاقليمية بعدم فاعلية السياسة الخارجية العراقية، خاصة في عهد رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني، الذي لم ينجح – وفقًا لمراقبين – في كسر العزلة المتزايدة أو استعادة الحضور العراقي في الملفات العربية الحساسة.
ويرى كثير من المحللين أن الحكومة الحالية تتبنى خطابًا دبلوماسيًا محليًا دون استراتيجية إقليمية واضحة، مما جعل العراق يبدو غائبًا عن الطاولة، وغير مؤثر في اللحظات المصيرية.

غياب العراق عن قمة بهذا الحجم يشكّل مؤشرًا خطيرًا على حجم التراجع في تأثير بغداد على صناعة القرار الإقليمي، ويعكس فشلًا في تحصين العلاقات مع العواصم العربية والدولية الفاعلة.
منذ توليه رئاسة الحكومة، لم يُبدِ السوداني تحركات ملموسة لترميم علاقات العراق مع محيطه العربي، بل على العكس، وُجّهت لحكومته انتقادات واسعة بسبب ما وُصف بالارتهان لمحاور إقليمية محددة، وتجاهل التوازن المطلوب في سياسة بغداد الخارجية.

يذهب البعض إلى أن الحكومة العراقية لم تستثمر فرص الانفتاح الدبلوماسي في الأشهر الماضية، وفشلت في بناء جسور ثقة مع شركاء دوليين، الأمر الذي انعكس في عدم إشراكها في مبادرات حساسة مثل قمة شرم الشيخ. وبدلاً من لعب دور الوسيط أو الشريك في جهود وقف إطلاق النار في غزة، اكتفى العراق بإصدار بيانات سياسية لا تتجاوز حدود التضامن الخطابي، دون أن يقترن ذلك بتحرك دبلوماسي نشط على الأرض.

في الوقت الذي تعيد فيه الدول المحورية في المنطقة رسم خارطة التحالفات وبناء تفاهمات جديدة، يبدو أن الحكومة العراقية الحالية عاجزة عن مواكبة التحولات أو فرض حضورها في الملفات الكبرى. وبدلًا من تعزيز مكانة العراق، ساهم أداء السوداني الخارجي في تعميق الفجوة بين بغداد وعواصم القرار العربي، ما قد يؤدي إلى مزيد من التهميش إذا لم يتم تدارك الأمر سريعًا.

وبينما يواصل السوداني التأكيد على رغبة حكومته في اتباع سياسة متوازنة، فإن الواقع الإقليمي يعكس شيئًا مختلفًا، إذ تُظهر التطورات الأخيرة أن العراق بات خارج حسابات القرارات المصيرية، وهو ما يُنذر بإضعاف مكانته في أي تسويات قادمة على مستوى المنطقة. وعليه، فإن استمرار هذا المسار سيكلف العراق كثيرًا، سواء على مستوى العلاقات أو على مستوى الأمن الوطني المرتبط حكماً بالاستقرار الإقليمي.

في المحصلة، فإن غياب العراق عن قمة شرم الشيخ لا اعتباره مجرد حدث دبلوماسي عابر، بل هو انعكاس لخلل أعمق في بنية السياسة الخارجية الحالية، ومسؤولية مباشرة تتحملها حكومة السوداني التي لم تنجح حتى الآن في استعادة الدور الإقليمي الفاعل للعراق، بل ساهمت في عزله أكثر فأكثر عن محيطه العربي والدولي.

زر الذهاب إلى الأعلى
Betzoid Showcases: New $300 No Deposit Bonus Casinos in Australia