
قراءة معطيات الإعلام السياسي وفهم براهينه
د. محمد وليد صالح
أكدت العديد من الدراسات أن وسائل الإعلام لها دور في توجيه الجمهور لقضايا معينة ومناقشتها، يحقق قدراً من الإجماع حول ترتيب أولويات هذا الجمهور إزاء القضايا العامة في المجتمع، التي تثير الساسة وصناع القرار، إذ ينقسم الجمهور الذين يخاطبهم الإعلام في عرض قضاياه السياسية والآراء على نوعين، الأول (النخبوي) ويتأثر به وبطبيعة القضايا المهمة التي تشغله، والآخر (العام) ويتأثر بسهولة بما يتلقى وأغلبهم يبتعد عن الولاءات السياسية والاهتمام بموضوعات السياسة ومحتواها.
وتعد وسائل الإعلام حلقة الوصل بين الجمهور والنظام الحاكم بوصفه صانع للقرار، وهي تسهم بدرجة كبيرة في إنجاح أو فشل النظام السياسي بوساطة الوظائف واداء الأنشطة السياسية المختلفة، وقد تعتمد فاعلية النخب السياسية على وسائل الإعلام من أجل ابراز وجهات نظرهم وآرائهم للتأثير في الرأي العام، ومواجهة الأزمات والأحداث غير الطبيعية سواء أكانت السياسية منها أم الاقتصادية أم العسكرية التي تمر بها المجتمعات، فضلاً عن أهمية دور وسائل الإعلام بوصفها مصدر أساس للبحث عن المعلومات التي ترقى إلى مستوى هذه الأحداث والأزمات، في إطار التنافس الإعلامي لتقديمها.
فالإعلام السياسي العراقي عبر وسائله أهدافه جزء من الاتصال السياسي المحدد بأهداف مقصودة وغايات مرسومة، فالسياسي الذي يوجه رسالته إلى الجمهور، والإعلامي الذي يراقب أعمال الحكومة وأساليب ممارسة السلطة والأفراد الذين يشاركون في العملية للتعبير عن آرائهم في قضاياهم عبر وسائل الإعلام، وعرضها على قادة الرأي في المجتمع وإيصالها لهم هي الوسيلة على وفق طرائق التحليل لتلك المعلومات والرسائل الإعلامية وتفسيرها للجمهور وتقديم وجهات نظرهم المختلفة، ويعد التلفزيون من أبرز الوسائل المستعملة في هذا المجال، بوصفه وسيلة مسموعة ومرئية أكثر جاذبية وتأثير في المتلقي.
إذ تأتي قراءة واقع ظروف المرحلة بعد أن يعرض الإعلام السياسي الهادف ما تختزنه القيم الاجتماعية من قدرة رائعة على إرساء ملامح التعايش السلمي والتسامح و اللاعنف في المجتمع، وتنطلق هذه الحاجة من إعلام ممنهج يعتمد على استراتيجيات ووسائل ورسالة وأهداف واضحة ذات نبيلة سامية، مرتبطة بالأوضاع السياسية الاقتصادية الأمنية الاجتماعية، بمعنى أن الإعلام يشترك مع قوى الدولة الشاملة، فضلاً عن الإسهام في بناء المواطن وتحصينه ضد أي غزو إعلامي أو فكري مضاد، كما يقوم الإعلام بدور مهم في تنمية وعي المواطنين السياسي واستيعابهم لما يدور على الساحة الداخلية، ومناقشة القضايا الوطنية التي تؤثر في قدرات الدولة السياسية بواسطة الشرح والتحليل لهذه القضايا وتعريف المواطن بأسبابها وأسلوب التعامل معها.