
انتخابات العراق 2025 بين سطوة السلاح ومصير الديمقراطية
المستقلة/- يستعد العراق لإجراء سادس انتخابات برلمانية بعد 2003 في نوفمبر/تشرين الثاني 2025، في أجواء سياسية مشحونة، حيث تتصدر قضية سلاح الفصائل المسلحة المشهد الانتخابي، ما يجعل العملية الديمقراطية على المحك.
تأتي هذه الانتخابات في وقت يتزايد فيه الجدل حول دور الفصائل المسلحة المنضوية ضمن “الحشد الشعبي”، والتي أفتى المرجع علي السيستاني عام 2014 بشرعية سلاحها لمحاربة تنظيم “داعش”، قبل أن يؤكد لاحقاً ضرورة حصر السلاح بيد الدولة. لكن هذه الفصائل تحولت من أداة مقاومة إلى ورقة نفوذ سياسي تُستخدم لترجيح الكفة الانتخابية ورسم خارطة المشهد السياسي.
ويرى المحلل السياسي صباح الخزاعي أن الفصائل مثل كتائب حزب الله، عصائب أهل الحق، منظمة بدر، وكتائب سيد الشهداء تمثل تحدياً حقيقياً للدولة، فهي ليست مجرد قوة مسلحة، بل أذرع سياسية تستخدم السلاح لضمان النفوذ والهيمنة في الانتخابات المقبلة. وتضيف هذه الفصائل ضغوطاً على المفوضية العليا للانتخابات، التي لم تنفذ بصرامة قرارات منع مشاركة الأحزاب ذات الأجنحة المسلحة، ما يفتح الباب أمام شبهات الترهيب والتزوير والاغتيالات.
ويقسم المشهد السياسي العراقي بوضوح إلى محورين متناقضين:
المحور الأول يدعو إلى حصر السلاح بيد الدولة ويضم التيار الصدري والقوى المدنية وبعض الأحزاب الكردية والسنية، ويرى في استمرار نفوذ الفصائل تهديداً للعملية الديمقراطية.
المحور الثاني يمثل القوى المستفيدة من الوضع القائم مثل الإطار التنسيقي وأحزاب بدر والنجباء وعطاء، التي تعتبر السلاح ضمانة أمنية وحماية مكتسبات سياسية ورادعاً ضد التدخلات الخارجية.
ويضيف الخزاعي أن هناك مخاوف من انتخابات السلاح المنفلت، حيث تتهم فصائل بشراء بطاقات ناخبين وفرض إتاوات، فضلاً عن استخدام الاغتيالات السياسية لإبعاد المنافسين. ويتفاقم الوضع مع تهديدات محتملة تؤجل الانتخابات أو تشكك في نتائجها، خاصة في حال تصاعد التوترات الإقليمية مثل حرب محتملة على إيران.
ومن جانبه، يشير المحلل رعد هاشم إلى أن القانون العراقي يمنع مشاركة الأحزاب المسلحة، لكن الواقع يشهد قفزاً على هذه الحقيقة. وتتغاضى المفوضية والقضاء عن الخروقات بذريعة مشاركة الفصائل في مكافحة داعش، فيما تضغط الولايات المتحدة ودول غربية لإبعاد الجماعات المسلحة، لكن الحكومة تظل عاجزة عن مواجهتها.
ويحذر المراقبون من أن الفصائل المسلحة توسعت حتى في المناطق السنية، وتمارس ضغوطاً على الناخبين وشراء أصوات عبر الإغراءات أو التهديدات، ما قد يقود إلى برلمان تهيمن عليه قوى السلاح مجدداً ويكرس الدولة الموازية. كما تمثل الاغتيالات السياسية، مثل حادث صفاء الحجازي، الوجه الآخر لسيطرة الفصائل، حيث تُستخدم لترهيب المنافسين وإقصاء الأصوات المستقلة، مهددةً شرعية العملية الانتخابية قبل أن تبدأ.
بينما تحاول الحكومة التوازن بين الأطراف، يبقى القرار الحقيقي رهين موازين القوى على الأرض، فالفصائل تمتلك نفوذاً داخل مؤسسات الدولة، وتشغل مناصب تنفيذية وأمنية، ما يجعل أي محاولة لتفكيكها محفوفة بالمخاطر ويهدد مصير الديمقراطية العراقية.
العراق إذن، كما يصفه المحللون، يقف على مفترق طرق: هل ينجح في فرض الدولة وسيادة القانون، أم ستظل العملية الديمقراطية رهينة إرادة السلاح ونفوذ الميليشيات؟