الموازنة.. تضخيم ارقام التشغيلية مآلاته الفساد والهدر
عادل عبد المهدي…
في 7/12/2012 كتبت الافتتاحية بالنص ادناه ارى مفيداً اعادة نشره، خصوصاً ونحن نناقش موازنة 2015 في هذه الايام، بعد ان ارغمنا انخفاض اسعار النفط على القيام بما كان يجب ان نقوم به بارادتنا لتخفيض النفقات غير الضرورية:
سـيناقش البرلمان الموازنة العامة.. وبما اننا نعيش نهاية العام.. لذلك سيأخذ الموضوع اهمية مزدوجة. فاينما ذهبت في الوزارات والدوائر، ستجد الوزير والمحافظين والسفراء والمسؤولين منشغلين يحاولون صرف ما تبقى لديهم من فوائض كبيرة خصوصاً المتبقي من النفقات الاستثمارية.. وسيقولون -عن حق- ان الموازنة لم تصلهم الا بعد منتصف العام.. وان المالية والتخطيط لم تصادقا على الخطط الا في فترة متأخرة.. وان الاحالات باتت مشكلة كبرى بين الموظفين خوفاً من تهم الفساد.. الذي لا يتعلق بتخلف اجراءات الدولة والبنية التشريعية ومفاهيم هيئة النزاهة والمفتشية وديوان الرقابة فقط، بل ببنية الاقتصاد والشركات، وضوابط التعاقد والمناقصات.. المملوءة مفخخات وكيديات ومصائد سياسية ومالية وغيرها.. والتي. يلبس فيها ثوب الشاة غلاة الذئاب، دفاعاً عن سحتهم ومصالحهم، او احساسهم بالخطر عليها .
ستكون الموازنة مرتفعة كالاعوام الماضية.. لكن النتائج ستكون هزيلة ايضاً.. والسبب بسيط، وهو ان البلاد لا تنقصها الاموال بقدر نقصان المفاهيم والاجراءات السليمة. ولقد اقترحنا رسمياً عندما تولينا حقيبة المالية (2004-2005) مفاهيم جديدة للموازنة لمعالجة العراقيل والنواقص الحالية. ومن المقترحات بناء الموازنة على سعرين لصادرات النفط ً.. اسمينا الاول بالسعر “الثابت” والذي يخصص للنفقات التشغيلية، فيكون عادة منخفضاً كـ (50-60) دولاراً للبرميل مثلاً.. والثاني “المتحرك” والذي يمثل الفارق بين الاسعار المتحققة فعلاً في الاسواق والسعر “الثابت”.. ويخصص للنفقات الاستثمارية…. ثم تقسم الموازنة الى قسمين، كالمتبع حالياً.. تشغيلية تكون مدتها سنة واحدة (المدرسة الانكليزية) تغلق في نهاية كل عام.. ويمكن بسهولة تقديم حساباتها الختامية.. واستثمارية (المدرسة الفرنسية) فلا تغلق نهاية العام بل حسب الفترة الزمنية لطبيعة المشاريع، والتي قد تتجاوز بعضها العام.. وهكذا سنتجاوز تعقيدات الحسابات الختامية.. ونضع لها اجراءاً عملياً صحيحاً، يسمح باكتمال عملية المراقبة والتقويم فلا نواجه التعقيدات الحالية. كما لن ندفع الوزارات والمؤسسات للتراكض قبل نهاية العام، اما لاحالة المشاريع على من هب ودب من شركات معدومة الاهلية والكفاءة.. او لتدوير الاموال.. وتكرار تجربة السنوات الماضية.. وتأخير اقرار الموازنة.. وصعوبات اعداد وتقديم الموازنة التكميلية والحسابات الختامية…. وتأخر موافقات المالية والتخطيط ووصول التخصيصات لدوائر الصرف المالي.. واعلان المناقصات.. وتحليل واحالة المشاريع.. لنصل لنهاية العام وسط فوضى وارتباك شديدين، وهدر وفساد لا نحسد عليهما، دون تحقيق النتائج المطلوبة.