خرافة المقاعد الشيعية والسنية :حين يختطف الوعي الشيعي باكذوبة الخطر السني

خرافة المقاعد الشيعية والسنية :حين يختطف الوعي الشيعي باكذوبة الخطر السني

د.باسل حسين

في كل موسم انتخابي في العراق تعود الاسطوانة ذاتها لتدور تحذيرات وتخويف وتهويل من ان مقاطعة طرف او انسحاب كتلة سيقلب الموازين الطائفية ويعيد رسم خارطة الحكم خطاب مشحون بالعاطفة يقدم على انه قراءة سياسية بينما هو في جوهره أداة تعبئة طائفية مبتذلة تستهدف عقول الناخبين لا صناديق الاقتراع.
ان المتتبع لخطاب القوى الشيعية يلحظ بوضوح ان الحديث عن الخطر على المقاعد الشيعية لا يقوم على اي اساس انتخابي واقعي بل على رغبة في استنهاض جمهور فقد الحماسة واعادة تدوير الانقسام المذهبي كوقود انتخابي بعد ان استهلكت كل شعارات الاصلاح والانجاز
من هنا تأتي هذه القراءة لتفكيك اكذوبة التهويل الطائفي وتبيان ان الصراع الحقيقي لا يدور بين الشيعة والسنة كما يصور بل داخل البيت الشيعي نفسه حيث تتنافس القوى على ذات الخزان التصويتي بينما تحاصر الاصوات المدنية الشيعية الباحثة عن طريق ثالث بين سلاح السلطة وسلطة السلاح.
لذا فان التهويل من تأثير مقاطعة التيار الصدري على حجم المقاعد الشيعية ليس سوى فزاعة طائفية يلوح بها من فقد البوصلة الانتخابية والعقل السياسي وذلك للأسباب الاتية :

اولا : المقاعد الشيعية في المحافظات الشيعية محسومة سلفا ولن تتزحزح بالمقاطعة قيد انملة فالمعادلة هناك ثابتة والمعركة الحقيقية تدور في التفاصيل لا في الشعارات.

ثانيا التغيير المحتمل في بغداد لا يتجاوز ثلاث الى خمس مقاعد قد تذهب للاحزاب السنية وهي نسبة لا تحرك ساكنا في ميزان البرلمان الا في خيال من يريد صناعة وهم انتخابي.

ثالثا المفارقة ان الاحزاب الشيعية نفسها تخوض سباقا انتخابيا في المحافظات ذات الغالبية السنية في نينوى وصلاح الدين وكركوك وديالى عبر مرشحين سنة او شيعة بما يجعل الحديث عن تأثير طائفي محض دعاية تخويف مفتعلة .

والحقيقة ان الصراع الحقيقي ليس مع الاحزاب السنية كما يصور بل داخل البيت الشيعي ذاته فالأحزاب الشيعية اليوم تتناحر فيما بينها على ذات الخزان التصويتي والاطار ينافس نفسه لا غيره ومن هنا فان الخطاب الطائفي الذي يوجه ظاهريا ضد الآخر السني ما هو الا أداة لتعبئة الجمهور الشيعي وشحنه عاطفيا قبل يوم الاقتراع
وليس من قبيل المبالغة القول، ان ما يروج له من خطر طائفي ليس الا صناعة سياسية مقصودة لتوحيد الصف الشيعي المنقسم وتغطية العجز في الخطاب والانجاز فالمعركة الفعلية ليست بين مكونين بل بين طموحات متنازعة داخل المكون ذاته احدها يتمسك بالسلطة ويحتمي بمؤسسات الدولة والآخر يسعى لازاحته عبر قوى السلاح والشارع في مشهد تتنازع فيه القوى المدنية الشيعية المحاصرة موقعها وسط هذا الضجيج.
فهذه القوى المدنية الشيعية وان كانت محدودة الامكانات لا تملك المال السياسي ولا نفوذ السلطة ولا تستند الى اذرع مسلحة او دعم خارجي الا انها تمثل الوجه الاكثر وعيا ونزاهة في المشهد الشيعي وتحاول شق طريق ثالث يميزها عن ثنائية السلاح والسلطة طريق يعتمد على استعادة المعنى الحقيقي للسياسة بوصفها عملا وطنيا لا غنيمة وعلى اعادة الاعتبار للمواطنة كهُوية جامعة تتقدم على الاصطفافات المذهبية والحزبية
لكن هذه القوى تخنق اليوم بحصار مزدوج من سلطة تقصيها واعلام يهمشها ومن جمهور انهك بخطابات التحشيد والانقسام حتى فقد الثقة بكل جديد ومع ذلك فهي تظل الامل الباقي في كسر الحلقة المفرغة التي تدور فيها العملية السياسية منذ عقدين.
في التحليل النهائي هذا الصراخ الطائفي الذي يسوق له البعض ليس تحليلا سياسيا بل فزاعة انتخابية ومحاولة بائسة لاستدرار الاصوات بعد ان فرغت الجعبة من البرامج والمشاريع
فلا تنخدعوا بخرافة المقاعد الشيعية المهددة ولا (تتقشمرون) بخطاب صنعه الخائفون من صناديق الاقتراع لا من مقاطعة التيار.

زر الذهاب إلى الأعلى