
العراق وتركيا يوقّعان اتفاقاً مائياً تاريخياً لإنقاذ البلاد من شبح الجفاف
المستقلة/-في خطوة وصفها الخبراء بالتاريخية، وقّع العراق وتركيا اتفاقاً مائياً استراتيجياً خلال زيارة وزير الخارجية التركي هاكان فيدان إلى بغداد، بحضور رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، بهدف معالجة الأزمة المائية غير المسبوقة التي تشهدها البلاد. ويأتي الاتفاق في وقت وصل فيه الوضع المائي في جنوب العراق إلى حدّ توقف مضخات سحب المياه، بينما لا تزال تداعيات الانخفاض في مناسيب نهري دجلة والفرات تهدد استقرار إمدادات المياه في المدن الكبرى.
وأوضحت مصادر عراقية أن الاتفاق يمول عبر مبيعات النفط العراقي، لتأمين التمويل اللازم لتنفيذ المشاريع المائية التي ستتولى القيام بها شركات تركية حصرياً، مع إمكانية مشاركة شركات عراقية لضمان نقل الخبرات والتقنيات الحديثة. وتشمل المشاريع المقترحة سدوداً وبحيرات صناعية، ومشاريع تخزين المياه، وتطوير أساليب الري الحديثة، في خطوة تهدف إلى تعزيز التنمية المستدامة وإدارة الموارد المائية المشتركة بين البلدين.
وأشار طورهان المفتي، مستشار رئيس الوزراء العراقي لشؤون المياه، إلى أن الاتفاقية تمثل امتداداً لاتفاقيات سابقة، وتنقل التعاون من مرحلة التفاهمات العامة إلى مرحلة التنفيذ العملي للمشاريع الاستراتيجية. كما نص الاتفاق على تشكيل لجنة عليا مشتركة تضم ممثلين عن وزارات الموارد المائية والإعمار والإسكان والبلديات والتخطيط والمالية، إلى جانب المحافظات العراقية المعنية، للإشراف على تنفيذ الاتفاق ودراسة المشاريع المقترحة واعتماد أولوياتها.
وبحسب الاتفاق، ستسعى المشاريع إلى تحسين نوعية المياه، وقف تلوث الأنهار، استخدام تقنيات حديثة في الري، واستصلاح الأراضي الزراعية المتضررة من الجفاف، وترشيد استهلاك المياه بما يسهم في تحقيق استدامة الموارد المائية.
كما كشف الاتفاق عن آلية مالية مبتكرة تعتمد على بيع كميات من النفط الخام عبر شركات تركية معتمدة من شركة تسويق النفط العراقية “سومو”، مع استفادة العراق بنسبة 65% من الأرباح الإضافية في حال إعادة بيع النفط في الأسواق الأوروبية بأسعار أعلى من السعر العالمي.
من جانبهم، أشاد مبعوث الرئيس الأمريكي إلى العراق، مارك سافايا، بالاتفاق، مؤكداً أنه يمثل خطوة مهمة لمعالجة القضايا المستمرة المتعلقة بإدارة الموارد المائية بين العراق وتركيا.
ورغم أهمية الاتفاق، أشار الخبراء إلى أنه لم يحدد حصص العراق المائية أو كميات الإطلاقات السنوية من تركيا، إذ يركز الاتفاق على مشاريع الإدارة والبنية التحتية واستخدام التقنيات الحديثة في الري، مع التأكيد على ضرورة استمرار الحوار الفني وتشكيل لجان رقابية لضمان استدامة المشاريع.
ويعتبر هذا الاتفاق خطوة أساسية نحو معالجة أزمة المياه في العراق، وزيادة المساحات الزراعية، وتحسين الإنتاج الزراعي، وتوظيف الشباب، وتعزيز الاقتصاد المحلي، مع فتح آفاق للشركات التركية لتوسيع أعمالها إقليمياً بما يدعم الاقتصاد التركي.
ويأتي توقيع الاتفاق في ظل تراجع حصة الفرد العراقي من المياه إلى أقل من 200 متر مكعب سنوياً، مقارنة بالمعدل العالمي البالغ نحو ألف متر مكعب، ما يعكس حجم التحديات المائية والاقتصادية التي تواجه البلاد ويستدعي شراكات استراتيجية لمعالجتها بشكل مستدام.





