العراق على مفترق التحالفات… تغييرات سياسية غير مسبوقة

المستقلة/- مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية وإعادة ترتيب الأوراق بين الكتل والقوى التقليدية الكبرى، يشهد العراق مرحلة غير مسبوقة من الحراك والتحولات السياسية، مع مؤشرات واضحة نحو تشكيل تحالفات غير تقليدية تهدف إلى تجاوز المحاصصة التقليدية وتقديم برامج وطنية واقعية.

تراكم الخبرة السياسية واستحقاق رئاسة البرلمان

يرى سياسيون ومحللون أن تراكم الخبرة لدى الأحزاب خلال الانتخابات السابقة أصبح عاملاً أساسياً في التعامل مع نتائج الانتخابات الجديدة ومخرجاتها. ومن المتوقع أن يتم اختيار رئيس مجلس النواب خلال الأيام المقبلة عبر “المجلس السياسي الوطني”، ليكون جاهزًا للمشاركة في أول جلسة برلمانية، ما يعكس حرص القوى السياسية على ضمان الاستقرار المبكر للمؤسسات.

وقد أجرى النائب الأول لرئيس مجلس النواب السابق، محسن المندلاوي، لقاءً مع رئيس المجلس الأعلى الإسلامي العراقي، الشيخ همام حمودي، لمتابعة مستجدات الساحة السياسية وتنسيق خطوات تشكيل الحكومة المقبلة. وأكد الطرفان على أهمية مواصلة الحوارات بين القوى السياسية لضمان إنجاز الاستحقاقات الدستورية في مواعيدها المحددة، وتحويل البرامج والوعود الانتخابية إلى خطط عمل واقعية تدعم بناء الدولة وتعزز مؤسساتها.

مفاوضات القوى السنية والكتل الكبرى

يؤكد الباحث السياسي محمود الحياني أن المفاوضات بين الكتل السنية لا تزال جارية، مع نشاط زعيم حزب “تقدم” محمد الحلبوسي على جميع الكتل لبحث آليات تشكيل الحكومة. بينما يرى عضو تحالف “السيادة”، عمار العزاوي، أن تشكيل “المجلس السياسي الوطني” يمثل إطارًا جامعًا للقوى السنية، ويكون المفاوض الأساسي في الاستحقاقات، مع اختيار مرشح رئاسة البرلمان بما يحظى بمقبولية جميع الأطراف.

الضغط الشعبي وتطلعات المواطنين

الشارع العراقي يطالب بقيادات قادرة على تقديم الخدمات وتحقيق الأمن والاستقرار، وهو ما يفرض على السياسيين تحديًا حقيقيًا لترجمة الطموحات الإصلاحية إلى واقع ملموس. الناطقة باسم حزب “الاتجاه الوطني”، أسماء الحسن، أكدت أن اختيار القيادات العليا يجب أن يكون وفق كفاءة وقدرة على خدمة المواطنين بعيدًا عن المصالح الشخصية والمحاصصة الطائفية.

خريطة تحالفات جديدة

رئيس مركز الخبراء للدراسات الاستراتيجية، صباح زنكنة، يرى أن التحالفات السياسية تشهد إعادة تشكّل غير مسبوقة، حيث لم تعد ترتكز على الانتماءات الطائفية التقليدية، بل على “هندسة سياسية دقيقة” توازن بين الاستقرار السياسي وضرورة تعزيز حضور القوى داخل مؤسسات الدولة. وأضاف أن هذه التحالفات الناشئة تعمل على تجميع أوراقها قبل بدء مفاوضات تشكيل الحكومة، ما يجعل المشهد في حالة حركة مستمرة.

متغيرات حاسمة قبل الانتخابات

مدير مركز الرفد للإعلام والدراسات الاستراتيجية، عباس الجبوري، أشار إلى أن التحالفات ستشهد متغيرات لافتة نتيجة الحراك الانتخابي وضغط المواطنين والمجتمع المدني، مع استمرار بعض الأطراف في فتح قنوات تواصل جديدة لتعزيز موقعها التفاوضي، فيما تسعى أطراف أخرى لبناء شراكات أوسع لضمان حضور أكبر بعد الانتخابات.

وأكد الجبوري أن نجاح هذه التحالفات يعتمد على قدرتها على تقديم رؤية واقعية للملفات الخدمية والاقتصادية، بما يحقق مطالب المواطنين ويضمن استقرار العملية السياسية.

خلاصة

المشهد السياسي العراقي يشهد تحولات حقيقية مع اقتراب الاستحقاقات، حيث تتشكل التحالفات بين القوى التقليدية والناشئة في إطار توازن بين المصالح الوطنية والضغط الشعبي. نجاح هذه التحالفات سيكون محورياً لتشكيل حكومة مستقرة وقادرة على تنفيذ برامجها الاقتصادية والخدمية، مع تجاوز التجاذبات القديمة وإرساء أسس جديدة للمشهد السياسي العراقي.

زر الذهاب إلى الأعلى