الروائي أمجد توفيق : مشاغل العصر أفسدت الذائقة وسادت قيم الانتشار و الأرباح

المبدع نتاج تجربته وفهمه للعالم وبصمته الخاصة في الحياة الإبداعية

المستقلة/- حاوره حامد شهاب/..الشخصيات الثقافية التي لها إسهامات كبيرة في الإبداع الروائي والثقافي والمعرفي عموما تحتاج الى حوارات من نوع خاص ، تكاد تكون غير تقليدية يكون بوسع القارئ والمتتبع لتلك الشخصيات أن يجد في إجاباتهم ما يرتقي الى المكانة الرفيعة التي يحتلها هؤلاء المبدعون الكبار من أمثال الروائي الكبير أمجد توفيق الذي هو بالإضافة الى أعماله القصصية والروائية الكثيرة والمتميزة والتي حظيت بالثناء والتقدير والتكريم من جهات ثقافية وأدبية كثيرة لكن إسهاماته الأخرى كانت في مجال الإعلام والرؤى الفلسفية للحياة التي تجد في أغلب رواياته أنه يعبر من خلالها عن مكامن شخصيته وما يريد إيصاله من أفكار ورؤى والارتقاء بالذائقة الفنية والأدبية الى أعلى المراتب والقيم العليا وهو يريد من خلاله أيضا إرسال رسائل تعبر عن مكنوناته في نظرته للمجتمع والحياة والكون باطر فلسفية ومعرفية متعمقة، وكيف يرتقي بقرائه ومتابعيه الى الأعالي..

إنها فرصة ثمينة لكل من يريد أن يبحر في شواطئ أمجد توفيق أن يجد فيها رحلة ممتعة فكانت إجاباته غاية في التوهج التعبيري النابع من شخصية حفرت لها مكانة كبيرة وتريد أن يبقى وهجها يضيء في السماء الدنيا ليس حبا بالحياة فقط ولكن لأنه منح الحياة وكونها ومعارفها ما يستحق أن يكون أحد صناعها ومن كانت لهم إسهامه كبرى في غرس قيم الوفاء للقيم العليا وللإنسان وللكون فكانت إجابته بلسما ستجدون فيها ما يروي ضمأكم وما تحلمون به من أمنيات وارتقاء سلالم المعالي الى حيث ترتفع رايات الإبداع لتبقى تصهل بخيلها وفرسانها الأوفياء ..

  • الرواية ماتزال تحتل المراتب الأولى من الأعمال الأدبية.. هل ترى أن الجيل الجديد برغم كل مشاغل العصر وتعقيداته ما يزال يمتلك القدرة على القراءة للأعمال الروائية؟

أمجد توفيق: السؤال على أهميته يثير أسئلة أخرى، فكيف نحدد المرتبة الأولى؟ هل بعدد الروايات المنشورة؟ أم بحجم القراءة وسعتها؟ أم الاهتمام الاعلامي؟ أم ملاحقة أخبار المسابقات والجوائز؟ أم أسباب أخرى؟

نعم مشاغل العصر أفسدت الذائقة، وسادت قيم هدفها الانتشار وتحقيق الأرباح على حساب الجودة والعمق، لكن كل ذلك لا يمنع من الاحتفال بالعمل الإبداعي الجيد برغم قلة القراء، وانحسار الكتاب الورقي لصالح الفضاء الالكتروني بسعته وسرعته ، وغياب القدرة على التدقيق بمحتواه .

  • كنت دوما تؤكد أن أي عمل روائي سردي يعتمد على عنصرين أساسيين هما: الزمان والمكان. لكن علماء الكون يشيرون إلى أن أبعاد الكون أربعة هي الزمان والمكان والعرض والارتفاع. وهناك من يذهب الى أن الكون يتحمل من ستة إلى سبعة أبعاد كونية. ماذا ترى أنت في نظرة الكاتب الروائي إلى موقع الكون أو مسرح العمل الروائي الذي يعتمده الكاتب ضمن مساحة انتشاره الفضائي الكوني؟

أمجد توفيق: عنصر المكان يتضمن كما تعرف أبعادا أخرى هي العرض والطول والارتفاع، ويضاف الزمن ليصبح بعدا رابعا، لذلك لا تناقض في الكلام، ونختصر كل ذلك بمصطلح الزمكان، بأبعاده الأربعة. والنظريات الحديثة تضيف إلى هذه الأبعاد أبعادا أخرى قوامها أن الزمن نفسه ليس مصطلحا موحدا فقد يختلف بين مكان وآخر، وهذا يرتبط بأسطورة السفر عبر الزمن.

عموما السرد يعتمد على الزمان والمكان والحركة ودون ذلك لا سرد هناك، وهذا ما يفرقه عن الشعر الذي يعتمد على الكينونة بينما السرد يعتمد على الصيرورة.

الرواية الجيدة تفتح آفاقا جديدة، تزيد من سعة العالم، وفي بحثها عن القيم الجمالية تؤكد انتصارها للإنسان وللحياة باعتبارها تجربة تستحق أن تعاش.

  • كيف تنظر إلى من يتم تقييمهم كمبدعين يحصلون على جوائز أدبية إبداعية في حين سطرتم أنتم من الأعمال الروائية ما يستحق أن تكونوا بين أولئك الرواد الذين يستحقون أرفع الجوائز على مستوى دولي. كيف ترى تقييمات من يحصلون على تلك الجوائز وهم ليسوا بأكثر منك عطاء على مستوى عراقي وعربي على الاقل؟

أمجد توفيق: من يحصل على جائزة أدبية يستحق التهنئة، وهذا موقف ثابت لي . أما معايير هذه الجوائز وما يقف خلفها من أهداف فلي وجهة نظر قوامها ما يأتي:

في المسابقات الرياضية هناك معايير محترمة .. ففي الركض يقف الزمن المتحقق معيارا وفي كرة القدم الزمن وعدد الأهداف المسجلة وفي المصارعة والملاكمة هناك نقاط للجولات وهناك ما يسمى بالضربة القاضية وهكذا بالنسبة لبقية الالعاب.

أما في الأدب فلا شيء يمكن اعتباره معيارا يصمد في المناقشة هناك لجان وقرار كل شخص في اللجنة يعتمد على ذائقته النقدية فاللجنة التي تختار رواية بين مئات الروايات وتمنحها الجائزة الأولى .. يمكن وبكل بساطة لو غيرت اللجنة بلجنة أخرى لاختلفت النتيجة بالرغم من كل العبارات البليغة التي تقودها كل لجنة للدفاع عن قرارها.لماذا يحدث ذلك؟

أرى أن تجربة كل مبدع مختلفة عن تجربة مبدع آخر وليس من السهل الوصول إلى معايير متفق عليها كي نحدد أية رواية تستحق الجائزة الأولى.

وعلى مستوى شخصي فليس لي شكوى من ذلك لأنني أفهم آلية العمل الذي يجري وقد حازت روايتي (برج المطر) على الجائزة الأولى في العراق.وحصلت روايات أخرى لي على جوائز أولى لكن كلمة الحق ينبغي أن تقال برغم أنها مرة كالدواء.

  • الا ترى أن إتحاد الادباء في العراق له دور في عدم إيلاء أهمية لمن يمارسون أعمالا روائية وحتى أدبية أخرى ولا يسهم كمنظمة ثقافية أدبية في إيصال صوت الرواد لجهات التقييم الدولية ومن يحصلون على جوائز كبرى؟

أمجد توفيق : أظن أن الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق ينآى بنفسه عن الدخول في هذا المعترك نتيجة حساسيات بعض الأدباء وصعوبة الوصول إلى قرار خال من ضجة لاحقة .. يكفيه أنه يدعم الأدباء ويتيح لهم فرص النشر وعرض نتاجاتهم في المعارض الدولية.

  • الا تشعر بخيبة أمل من أن المهتمين بالثقافة عموما يميلون إلى حالات انحياز لمن يرونه أنه لابد من رفع شانه لكي يحظون بكسب ولائه لهم والاستفادة منه في المناصب العليا أو يستدرجونه ضمن توجهاتهم السياسية؟

أمجد توفيق : لم يمر زمن أو فترة دون إنحيازات لأسباب يصعب الاحاطة بها والحركة الثقافية عموما وفي أي مكان تشكو من أمراض لا أحد ينكرها لكنني أقول أن المبدع الحقيقي ينبغي أن يشق طريقه دون إسناد ومهما بلغت التضحيات وبغير ذلك فإنه سيبقى أسيرا لرغبات واشتراطات لا تخدم تجربته بل تسيئ إليها .

  • لكنك تحصل على ثنائهم واشادتهم في كل تجمع ادبي أو ثقافي دون أن يسهموا مع الجهات الأدبية والمتنفذة في إيصال صوت المبدع العراقي الى الجهات المهتمة بمنح الجوائز حتى على صعيد عراقي…؟

أمجد توفيق : كل ثناء وتقدير لتجربتي يسعدني ويضعني أمام مسؤولية مضاعفة في تعميق بصمتي الإبداعية. وأنا لا أنتظر دعما أو اسنادا من جهة أو شخص لإيصال صوتي بهدف الحصول على جائزة وهو أمر لا يلقى صدى في قلبي فعلى رواياتي وقصصي وجهدي الإبداعي فعل ذلك دون منة أو رجاء.

  • هل ترى من مخاطر لتدخل الذكاء الاصطناعي في الأعمال الروائية بعد أن وجد فيها ضالته في إحداث عمليات أكشن وإثارة كبرى للانتباه تصل الى حد الصعقة. وهل أن كاتب السيناريو هو من يحول الاعمال الروائية الى أعمال خارقة للذكاء الاصطناعي لكسب الشهرة والامتاع والإثارة القصوى للعمل الفني السينمائي ولم يكن لكاتب الرواية دور أساسي في الترويج لإدخال مفاهيم الذكاء الاصطناعي؟

أمجد توفيق: نعم أتفق أن هناك مخاطر قوامها انتهاك الأصالة والبحث عن أعمال هجينة لا أب لها ..

الذكاء الاصطناعي إنجاز بشري قد يساعد كثيرا في مختلف شؤون الحياة وهو يعتمد على خوارزميات قيمتها تكمن في السرعة والإحاطة الشاملة بما سبق من جهود. أما استخدام إمكانيات الذكاء الاصطناعي في الأعمال الإبداعية فإنه يطعن القيمة الأساسية لبصمة المبدع، وهو أمر يشبه كثيرا بما نعرفه عن السرقات الأدبية ..

ويختتم الروائي المبدع أمجد توفيق حواره بالقول: المبدع نتاج تجربته وفهمه للعالم وبصمته الخاصة في الحياة الإبداعية، ولا يمكن مشاركة الذكاء الاصطناعي في تكوينها وإن حصل ذلك فهو شارة أخرى لنظام التفاهة الذي نعيشه ..

زر الذهاب إلى الأعلى
Betzoid Showcases: New $300 No Deposit Bonus Casinos in Australia