
ازمة مقاولي البصرة مستمرة ..والمسؤولون يبحثون عن مخرج
(المستقلة)/نريمان المالكي/.. توقف اكثر من 400 مشروع في محافظة البصرة والتي تقدر كلفتها بقيمة 4 ترليون دينار بسبب الأزمة المالية ، وانعكاسها على الواقع العمراني والخدمي وافلاس اغلب المقاولين فيها الذي وصل حد انتحار خمسة مقاولين في السنتين الماضيتين في المحافظة ، جعل مسؤولي الحكومة المحلية يبحثون عن طرق وآليات لحل الازمة مع الحكومة الاتحادية وطرق اخرى لصرف الاموال .
رئيس اللجنة المالية ومراقبة التخصيصات في مجلس المحافظة أحمد السليطي قال لـ(المستقلة) ” هناك تخصيصات مالية مخصصة للمشاريع ونسب انجازها تصرف من الحكومة الاتحادية سنويا ويخطط لها من قبل الحكومة المحلية وتعول عليها في تنفيذ المشاريع ، فاذا لم تصل تلك التخصيصات فمن البديهي يتوقف التمويل وبالتالي تتوقف تلك المشاريع ” .
واشار الى ان ” الية انجاز المشاريع تكون على شكل ذرعات وتصرف السلف للمقاول لكل ذرعة يتم انجازها من المشروع ويطالب حينها المقاول الطرف الاول المتعاقد معه بصرف مبلغ انجاز تلك الذرعة “.
وبين السليطي ان ” الطرف الاول المتقاعد منذ اكثر من سنة ليس لديه اي اموال ولم تصرف له الحكومة الاتحادية تلك التخصيصات وبالتالي توقفت المشاريع مع ديون كبيرة بذمة الحكومة للمقاولين ” .
واوضح ان ” محافظة البصرة اخذت استثناء لبعض المشاريع التي قرر مجلس الوزراء ايقافها في المحافظات على ان تكون قد انجز منها نسبة 80% فما فوق ” .
وتابع السليطي بالتأكيد على ان ” المبالغ الموجودة حاليا لا تفي بكل هذه المشاريع الموجودة حتى مع نسب الانجاز ”
ونوه الى ان ” المقاول يطلب مستحقات ما انجزه سابقا من المشروع وهذه المستحقات تقع على عاتق الحكومة المركزية وليس الحكومة المحلية ” .
وذكر ان ” حكومة المركز قررت اعطاء ما بذمتها عن طريق سندات القرض كأحد الحلول لصرف ما بذمتها للمقاولين ”
واشار السليطي الى ان ” التزام الحكومة المحلية في الوقت الحالي سيكون في نسب الانجاز التالية من المشروع اي ان المستحقات الاولية ستبقى ديون بذمة الحكومة ”
واضاف ان ” هذا الامر يجعل المقاولين اكثر تخوفا من اعادة انجاز النسب المتبقية من المشروع وبالتي المقال ستكون هناك ديون اضافية على اغلب المقاولين ” .
وبين انه ” رغم تعهد الحكومة المحلية بصرف مبالغ السلف للنسب المتبقية الا ان اغلب المقاولين لا يوجد لديهم خزين مالي لتكملة المشاريع لأنها صرفت على النسب الاولى ولم تلتزم الحكومة الاتحادية بصرفها لهم “.
يذكر ان البصرة سجلت العامين 2015-2016 انتحار خمسة مقاولين من المحافظة بسبب ما يعانون من ظروف قاهرة لتأخر الحكومة في صرف مستحقاتهم المالية التي بذمتها من جراء تنفيذهم مشاريع مختلفة لصالحها، حيث انهم نفذوا تلك المشاريع بالاعتماد على قروض حصلوا عليها من مصارف وأفراد، وهذه الأطراف طالبت بأموالها من المقاولين، ومارست عليهم ضغوطات قانونية وعشائرية ادت الى هروب الكثير منهم من المدينة .
ويبين المهندس حسنين التميمي المدير التنفيذي في احدى الشركات لـ (المستقلة ) ان ” الازمة الاقتصادية والمالية التي عصفت بالعراق سببت للشركة خسائر فادحة في الاموال والمعدات وما زالت الشركة تدفع للموظفين العاملين في المشروع رواتبهم رغم توقفه ”
اشار الى ان ” قرار الحكومة المرقم 347 لسنة 2015 الذي يقضي بتوقف تام للمشاريع او البحث عن ممول لها او الانسحاب ادى الى شلل المشاريع في المحافظات من جهة وافلاس او عدم قابلية الشركات تسديد ديونها ”
واضاف التميمي ان ” عملية التمويل والاقتراض من البنوك الخارجية او الداخلية يؤدي الى زيادة نسبة الفوائد على المقاول وبالتالي لا توجد اي ارباح في تنفيذ المشاريع فضلا عن مشاكل اخرى ” .
واوضح ان شركتهم لم توقف المشروع الذي فضل عدم ذكر اسمه وذلك من اجل استكمال المشروع خدمة لأبناء البصرة رغم الظرف المالي الصعب ” .
واكد ان ” لدى الشركة اصرار على استكمال المشروع وحسب قرار الحكومة المذكور انفا تتحمل الدولة نسبة فوائد 10% والشركة ايضا تتحمل نفس النسبة وهذا ما خاطبنا به الحكومة المحلية ونحن بأنظار الرد “.
وكشف نائب رئيس اتحاد مقاولي محافظة البصرة حمود الحمد في تصريح صحفي ان اجمالي مبالغ مستحقات المقاولين المالية التي في ذمة الحكومة الاتحادية تقدر بـ7 ترليون دينار للسنوات الثلاثة الماضية وان الـ38 مليار دينار التي تم صرفها مؤخرا تمثل التأمينات التي في ذمة حكومة البصرة المحلية من اصل 70 مليار دينار، مشيرا الى ان التلكؤ في تسديد مستحقات المقاولين ادى الى تعرض عدد منهم الى الحبس او الاجراءات العشائرية لعدم تمكنهم من الايفاء بالتزاماتهم المالية تجاه العاملين معهم في تنفيذ المشاريع.
فيما عدّ استاذ الاقتصاد بجماعة البصرة أ.د نبيل جعفر عبد الرضا في تصريح لـ (المستقلة) ” غياب آلية واستراتيجية تخطيط وتنفيذ المشاريع في محافظة البصرة ادت الى تفاقم هذه الازمة لان اغلب المشاريع على الارض هي ردود افعال لإرضاء المواطنين”
واشار الى ان ” معظم تلك المشاريع عديمة الجدوى وعدم وجود اولويات في التنفيذ ” .
واوضح عبد الرضا الى ان ” ازمة ثقة حصلت الان بين قطاع المقاولين والخاص مع الحكومات المحلية والمركزية بسبب عدم صرف وزارة المالية السلف الخاصة بالمشايع منذ ثلاث سنوات ” ،
وشددى على ان “الحكومة الاتحادية ملزمة بالإسراع بأطلاق سندات القرض التي اوعدتها صرفها للمقاولين ولم يتم استلامها من معظمهم وهذا كجزء من حل “.
واوضح عبد الرضا ان ” هذه الازمة تبقى قائمة لأنها متعلقة بالمسار الاقتصادي الخاطئ للعراق الذي يعتمد في موازنته على النفط الخام الذي يعتبر متذبذبا سعره في الاسواق العالمية مما يؤثر سلبا على التخطيط الاقتصادي للبلد ” ،
وبين ان ” الموقف القانوني يبقى لصالح المقاولين وعلى وزارة المالية والحكومة العراقية بحث اليات جديدة للتسديد لان هذه الازمة احبطت القطاع الخاص العراقي ويضع امامه عراقيل جديدة مضافة للعراقيل الكبيرة التي تواجه ” .
يذكر أن محافظة البصرة تعاني منذ أواخر العام 2015من أزمة مالية حادة وغير مسبوقة منذ عام 2003، ادت الى توقف عشرات المشاريع الخدمية قبل انجازها، وقد طالبت الحكومة المحلية في العامين الماضيين وفي مناسبات عديدة الحكومة الاتحادية بصرف مستحقات المحافظة عن الأعوام الثلاثة الماضية ، حيث لم تحصل منها إلا جزء قليل بسبب الأزمة المالية.