
هيئة الإعلام تصعّد ضد البرامج غير المرخّصة وسط انتقادات لغياب استراتيجية شاملة
المستقلة/- حذّرت هيئة الإعلام والاتصالات في العراق، ، من استمرار بعض القنوات الفضائية في بث برامج سياسية حوارية دون الحصول على التراخيص المسبقة، مؤكدة أنها ستتخذ الإجراءات القانونية بحق الجهات المخالفة، وداعية المؤسسات الإعلامية إلى مراجعة محتوى برامجها لضمان الالتزام بالمعايير المهنية وتعزيز ما وصفته بـ”الخطاب الوطني المسؤول”.
وأكدت الهيئة في بيان حصلت “المستقلة” على نسخة منه اليوم الاربعاء، أن مراقبتها لمحتوى عدد من البرامج الحوارية كشفت عن مخالفات تتعلق ببث معلومات مضللة، أو محتوى يتضمن إساءات أو تحريضًا على الكراهية، مشددة على ضرورة احترام المواطن، والالتزام بالقوانين النافذة التي تنظم العمل الإعلامي في البلاد.
وشدد البيان على منع أي استضافة أو ظهور علني لشخصيات عامة في البرامج السياسية دون الحصول على موافقة مسبقة من الهيئة، في خطوة تهدف، بحسب الهيئة، إلى ضبط الخطاب الإعلامي وتحقيق التوازن المهني.
في المقابل، أثار هذا البيان موجة من الانتقادات من قبل مراقبين وخبراء في قطاع الإعلام، اعتبروا أن الهيئة ما زالت تفتقر إلى استراتيجية تنظيمية واضحة ومعلنة تضبط هذا النوع الحساس من المحتوى، وأنها تكتفي فقط بإصدار بيانات تحذيرية بعد وقوع المخالفة، بدل وضع أطر وقائية واستباقية تحمي المشهد الإعلامي وتوجهه نحو المهنية والاستقرار.
ويرى محللون أن الهيئة، رغم امتلاكها صلاحيات تنظيمية واسعة، لم تقدم حتى الآن دليلًا عمليًا واضحًا يشرح آليات الحصول على التراخيص المطلوبة، كما لم توضح معايير التقييم أو الرقابة، الامر الذي انتج بيئة ضبابية تفتقر إلى الشفافية وتؤدي أحيانًا إلى ازدواجية في تطبيق القرارات، الأمر الذي ينعكس سلبًا على ثقة الجمهور بالإجراءات التنظيمية، وعلى قدرة المؤسسات الإعلامية على العمل ضمن بيئة قانونية مستقرة.
ويعتقد مراقبون أن الاكتفاء بتكرار بيانات المنع والتحذير، دون تطوير نظام رقابي فعّال أو توفير تدريب مهني للقائمين على البرامج الحوارية، لا يُسهم في تطوير الإعلام السياسي في العراق، بل يعمّق حالة الارتباك داخل المؤسسات الإعلامية، ويُضعف من فرص بناء خطاب إعلامي متوازن ومسؤول.
ويُطالب عدد من المختصين في الشأن الإعلامي بوضع استراتيجية وطنية شاملة تنظم الإنتاج الإعلامي الحواري، تبدأ بوضع معايير مهنية محددة للترخيص والمحتوى، وتشمل آليات رقابة واضحة، وبرامج دعم وتدريب مستمر للعاملين في هذا القطاع. كما دعوا إلى تعزيز الشفافية في تعامل الهيئة مع المؤسسات الإعلامية، وتحديد خطوط تنظيمية واضحة تكفل حرية التعبير ضمن إطار قانوني يحترم القواعد المهنية ويمنع الانزلاق نحو الفوضى الإعلامية أو الخطاب التحريضي.
ويرى مراقبون أن نجاح هيئة الإعلام والاتصالات في تنظيم البرامج الحوارية السياسية لن يتحقق من خلال البيانات العقابية فقط، بل عبر تبنّي سياسة معلنة قائمة على الشراكة مع المؤسسات الإعلامية، وتحديث بيئة التشريعات والإجراءات بما يتوافق مع التطورات المتسارعة في الإعلام والسياسة في العراق.