خلافات القيادة في حماس تثير تساؤلات حول وحدة الحركة

المستقلة/- أسامة الأطلسي/..تعيش حركة حماس في الآونة الأخيرة مرحلة من التوتر الداخلي المتصاعد، بعدما بدأت الخلافات بين أبرز قياداتها تطفو إلى السطح، في مشهد يعكس تراجع التماسك السياسي والتنظيمي داخل الحركة التي طالما سعت إلى إظهار نفسها كجبهة موحدة في مواجهة التحديات الخارجية.

فبحسب تقارير إعلامية، برزت في الأسابيع الأخيرة خلافات حادة بين القياديين خالد مشعل وخليل الحية، تتعلق بملفات المال والنفوذ داخل الحركة، ما أعاد إلى الواجهة الحديث عن صراع الأجنحة بين الداخل والخارج.

ورغم أن قيادة حماس حاولت احتواء الموقف سريعاً، فإن التصريحات الأخيرة التي أدلى بها عضو المكتب السياسي موسى أبو مرزوق اثناء مقابلة مع شبكة “سكاي نيوز أمريكا” كشفت جانباً من حقيقة الانقسام داخل الصف القيادي، حيث بدا جلياً أن الخلافات لم تعد محصورة في الكواليس.

بين المال والسيطرة

تُشير مصادر مطلعة إلى أن جوهر الخلاف يدور حول إدارة الموارد المالية الضخمة التي تتلقاها الحركة من الخارج، وكيفية توزيعها بين الفروع القيادية. فبينما يدعو مشعل إلى تعزيز الدور السياسي الخارجي، يصرّ الحية، الذي يمثّل التيار الميداني، على توجيه الموارد إلى الداخل لدعم الأنشطة التنظيمية والعسكرية.

ويرى مراقبون أن هذا الصراع يعكس تحولاً خطيراً في بنية الحركة، إذ لم تعد القضايا الوطنية الكبرى هي محور النقاش، بل باتت المصالح الفئوية والشخصية تتقدم على أولويات العمل السياسي والميداني.

ويقول أحد المحللين الفلسطينيين إن “ما يجري داخل حماس اليوم هو سباق على النفوذ أكثر منه خلاف فكري أو سياسي، فكل طرف يسعى لتثبيت موقعه في مرحلة ما بعد الحرب، خصوصاً مع تصاعد الحديث عن إعادة ترتيب الأوضاع في غزة مستقبلاً”.

محاولات لاحتواء الأزمة

من جانبها، تحاول قيادة الحركة في الخارج التخفيف من تداعيات الأزمة، عبر إطلاق تصريحات تؤكد على “تماسك الصف الداخلي” و”وحدة الموقف”، غير أن تلك التصريحات، بحسب مراقبين، لم تعد تقنع القاعدة الشعبية في غزة، التي تتابع باستياء تصاعد الصراعات الشخصية في وقت يعيش فيه السكان واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في تاريخ القطاع.

وقال أحد المواطنين في خان يونس “نحن نبحث عن الماء والغذاء والأمان، وهم يتحدثون عن المناصب والأموال. إذا كانت هذه هي القيادة، فكيف يمكن أن تنقذنا؟”

انعكاسات سياسية وتنظيمية

ويرى محللون أن الخلافات بين الأجنحة السياسية والعسكرية داخل حماس ليست جديدة، لكنها اليوم أكثر وضوحاً وخطورة، خاصة في ظل غياب رؤية موحدة لما بعد الحرب واحتمالات التوصل إلى تسوية سياسية في غزة.

ففي الوقت الذي يتحدث فيه بعض القياديين عن ضرورة المشاركة في أي ترتيبات مستقبلية، لا يزال آخرون يرفضون أي انخراط في العملية السياسية، ما يجعل الحركة تبدو منقسمة بين تيارين متنازعين: أحدهما براغماتي، والآخر متمسك بالنهج العقائدي الصارم.

فقدان البوصلة

وتشير التطورات الأخيرة إلى أن الحركة باتت تواجه أزمة هوية سياسية وتنظيمية، إذ لم تعد قادرة على التوفيق بين شعاراتها الثورية وواقعها العملي المعقد.

كما أن تزايد ظهور الخلافات الإعلامية بين قياداتها أفقدها جزءاً من هيبتها أمام الرأي العام الفلسطيني والعربي، وأثار تساؤلات حول قدرتها على إدارة المرحلة المقبلة بفاعلية.

ويختم أحد المحللين بالقول:”ما كان يُعتبر خلافاً داخلياً محدوداً أصبح اليوم مؤشراً على صراع سلطة حقيقي داخل حماس. وإذا لم تُعالج هذه الانقسامات بجدية، فقد تتحول إلى أزمة بنيوية تهدد مستقبل الحركة ودورها في الساحة الفلسطينية.”

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى