تلعفر والانتخابات: جدل النفوذ والتقسيم

المستقلة/- وسط أجواء الحملة الانتخابية الجارية في العراق استعداداً للانتخابات البرلمانية المقررة في 11 نوفمبر/تشرين الثاني، عاد الحديث عن تحويل قضاء تلعفر غرب الموصل إلى محافظة مستقلة، ليشعل جدلاً واسعاً على المستويين السياسي والمجتمعي. المشروع، الذي يدعمه قيادات كتلة بدر والفصائل المسلحة المرتبطة بالحشد الشعبي، يُعرض على العراقيين في وقت تشهد فيه البلاد تصعيداً في الخطاب الطائفي والقومي بهدف كسب الأصوات، ما يثير مخاوف من استخدام الملف لأغراض انتخابية أكثر من كونه خطوة إدارية حقيقية.

خليط سكاني حساس
تلعفر، أكبر أقضية محافظة نينوى من حيث المساحة، يقطنه نحو نصف مليون نسمة من التركمان السنة والشيعة، العرب، والأكراد. هذا التنوع جعل الدعوات لتحويلها إلى محافظة جديدة مثار انقسام: حيث يؤيدها التركمان باعتبارها وسيلة لتحسين إدارة المدينة والحصول على موازنات ومشاريع أكبر، بينما تعارض الأغلبية العربية السنية والفئات الأخرى المشروع، خشية أن يؤدي إلى هيمنة جهة محددة على السلطة والقرار، وإلى تقسيم محافظة نينوى.

مخاوف من تفرد السلطة وتقسيم نينوى
أعضاء مجلس محافظة نينوى، ومن بينهم سمية الخابوري، أكدوا أن المشروع يحمل أهدافاً سياسية وانتخابية أكثر من كونه مشروعاً إدارياً، مشيرين إلى أنه قد يقود إلى تقسيم المحافظة وخلق كانتونات طائفية وقومية، ما يهدد استقرار المدينة والمنطقة المحيطة بها، خصوصاً أن تلعفر تضم نواحي حساسة مثل ربيعة وزمار والعياضية. الشيخ عبد الله زعيتر المعماري وصف المشروع بأنه محاولة “لخنق مدينة الموصل وعزل تلعفر عن محيطها”، محذراً من أن نجاحه سيفتح الطريق لمطالب مشابهة في مناطق أخرى، بما فيها سهل نينوى وسنجار.

التباين بين التأييد والرفض
بينما يرى التركمان التركيز على المشروع كخطوة ضرورية للارتقاء الإداري، يشدد البعض على أن التنفيذ الفعلي مستحيل حالياً بسبب النفوذ القوي للفصائل المسلحة الشيعية التركمانية التي تتحكم في المدينة بدعم من الحشد الشعبي ومنظمة بدر، ما يثير قلق التركمان السنة والعرب والأكراد من مستقبل حكم المدينة. الباحث مصطفى العبيدي وصف المشروع بأنه قد يخلق “مطَرقة تهدد السلم المجتمعي” ويُدخل نينوى في أزمات جديدة، كما أن تطبيقه قد يفتح الباب لمطالب انفصال مناطق عربية والانضمام إلى الموصل أو ضم سنجار إلى إقليم كردستان.

خاتمة
مشروع تحويل تلعفر إلى محافظة يمثل اختباراً جديداً لاستقرار نينوى والعراق عموماً في ظل الحملة الانتخابية الجارية. بين التأييد لأسباب إدارية وتوسيع المشاريع، والرفض خشية الهيمنة والتقسيم الطائفي والقومي، تبقى المدينة على مفترق طرق سياسي حاسم، حيث أن كل خطوة في هذا الملف قد تؤثر بشكل مباشر على المشهد الانتخابي والاجتماعي في العراق.

زر الذهاب إلى الأعلى
Betzoid Showcases: New $300 No Deposit Bonus Casinos in Australia