بابا الفاتيكان ليو الرابع عشر يبدأ زيارة تاريخية إلى لبنان

المستقلة/-وصل البابا ليو الرابع عشر، مساء الأحد، إلى بيروت في زيارة تستمر 48 ساعة، حاملاً رسالة سلام للبنانيين الذين أنهكتهم الأزمات المتلاحقة خلال السنوات الماضية.

واستقبل الرئيس اللبناني جوزاف عون البابا في مطار بيروت، ثم انتقل الحبر الأعظم إلى القصر الرئاسي في بعبدا حيث القي كلمة أمام المسؤولين والدبلوماسيين.

وشدد البابا، في كلمته على ضرورة ضمان ألا يشعر الشباب بأنهم مضطرون إلى مغادرة وطنهم، بل أن يجدوا في لبنان السلام والضمانات التي تجعلهم روّاداً في بناء مستقبلهم على أرضهم، مضيفًا: “السلام يتطلب شجاعة والالتزام من أجل السلام لا يعرف الخوف أمام الإخفاقات الظاهرة”.

وأكد أن “اللبنانيين شعب لا يستسلم، بل ينتصب أمام الصعاب ويعرف كيف يولد من جديد”، مشيراً إلى ثقته بأن ملايين اللبنانيين في الداخل والانتشار “يخدمون السلام ويسعون إليه”. وخصّ النساء بتحية تقدير استثنائية، مؤكداً دورهن المحوري في صناعة السلام وحفظ الروابط العميقة بين الناس والأماكن، وبأن مشاركتهن في الحياة الاجتماعية والسياسية والدينية عنصر أساسي في تجدد المجتمعات.

كما أشار إلى أن لبنان “بلد متنوع وجماعة مؤلفة من جماعات تجمعها لغة واحدة هي لغة الرجاء التي سمحت لها دائماً بالبدء من جديد”.

وسأل البابا عن التحدي الأكبر الذي يواجه لبنان والمشرق: “كيف نمنع شبابنا من الشعور بأنهم مجبرون على الهجرة؟ كيف نجعلهم يجدون السلام هنا، لا في مكان آخر؟” ودعا المسيحيين والمسلمين وكل مكوّنات المجتمع الدينية والمدنية إلى القيام بدورهم في هذا المجال، وإلى العمل على توعية المجتمع الدولي بضرورة دعم لبنان.

وأشاد البابا لاون بـ“المجتمع المدني النابض بالحياة، الغني بالكفاءات، وبالشباب القادر على التعبير عن أحلام بلد بأكمله”، داعياً إلى عدم الانفصال عن الشعب، بل خدمته بلغة واحدة: “لغة الرجاء”.

وختم البابا بالتشديد على أهمية بناء الروابط وتجنب النزاعات المحلية والقومية، مؤكداً أن صمود اللبنانيين “علامة مميزة ولا يمكن الاستغناء عنها، ولو بصمت”

من جانبه رحّب رئيس الجمهورية جوزاف عون بقداسة البابا لاوون الرابع عشر بكلمات مؤثرة، وصف فيها وصوله إلى لبنان بأنه زيارة رسول سلام إلى “وطن السلام”.

وأكد، باسم الشعب اللبناني بكل مكوّناته، أن لبنان رغم صغر مساحته كبير برسالته كأرض تجمع بين الإيمان والحرية، والاختلاف والوحدة، والألم والرجاء.

وأشار الرئيس عون إلى أن البابا لا يزور بلداً عادياً، بل أرضاً مذكورة في الكتب المقدسة، رمزاً للجمال والقداسة والثبات. واستعاد قصة الكنعانية التي قال لها يسوع: “عظيم إيمانكِ”، مؤكداً أن الشعب اللبناني اليوم يشبه تلك المرأة في إيمانه العظيم ورجائه الشفاء من الحروب والدمار.

وأكد أن لبنان تكوّن بسبب الحرية ومن أجلها، وهو وطن التساوي بين المسيحيين والمسلمين، المختلفين لكن المتساوين، في نظام دستوري فريد من نوعه يقوم على الشراكة والانفتاح. ورأى أن حماية هذا النموذج واجب إنساني، لأن سقوطه يعني انهيار فكرة التعايش في الشرق والعالم.

وقال الرئيس عون إن البابا جاء إلى “أرض الكنائس الشهيدة” ليزرع الرجاء في شعب متألم، وليلمس بجراحه جراح الأرض والإنسان. ودعاه إلى إبلاغ العالم أن اللبنانيين باقون، لا يموتون ولا يستسلمون، بل يخترعون الفرح ويحترفون المحبة ويعشقون الحياة.

وختم مؤكداً أن لبنان سيبقى مساحة اللقاء الوحيدة لأبناء إبراهيم، ونموذجاً للسلام بين الشرق والعالم. وقال:“بصلاتكم ودعائكم، وبإيماننا بحقّنا ووطننا، باقون هنا… أبناء الرجاء وأبناء القيامة… نور الشرق ومنارته.

زر الذهاب إلى الأعلى