
العراق: زيدان يؤكد استقلال القضاء وحماية الدستور قبل الانتخابات
المستقلة/- نشر مجلس القضاء الأعلى اليوم الاثنين تحليل رأي لتصريحات رئيسه، القاضي الدكتور فائق زيدان، حول ملامح الدولة الدستورية المقبلة، في خطوة مهمة تفتح النقاش حول دور القضاء في حماية المسار الديمقراطي وضمان نزاهة الانتخابات المقبلة.
وأشار التحليل إلى أن تصريحات زيدان جاءت في لحظة سياسية ودستورية حساسة، قبل أيام من انطلاق الانتخابات النيابية، لتؤكد أن القضاء حاضر بقوة كحارس على القانون والدستور، بعيداً عن أي وصاية سياسية أو تدخل خارجي. وأوضح أن جميع المؤسسات الحكومية ملزمة بالاحتكام إلى القانون فقط، وأن القضاء هو المرجعية الحقيقية لحماية الدولة وهيبتها.
في قراءة دور القضاء خلال العملية الانتخابية، شدد زيدان على الفصل الواضح بين الرقابة القضائية واستقلال المفوضية العليا المستقلة للانتخابات. فالقضاء يقتصر دوره على النظر في الطعون والاعتراضات المقدمة من المرشحين، دون التدخل في قرارات المفوضية إلا وفق ما يسمح به القانون. وأكد أن زيادة عدد المستبعدين من المرشحين لا تعكس انحيازاً قضائياً، بل نتيجة طبيعية لتزايد عدد المرشحين، مؤكداً في الوقت نفسه أن كل القرارات تتخذ وفق المعايير القانونية المعتمدة من مجلس النواب، في رسالة تهدف إلى طمأنة المواطنين حول نزاهة العملية الانتخابية وحماية استقلال المؤسسات من الشكوك والتأويلات.
وعلى الصعيد الدستوري، ركز زيدان على ضرورة الالتزام بالمدد الدستورية لتشكيل الحكومة بعد الانتخابات، مشيراً إلى أن المحكمة الاتحادية العليا ستصادق على النتائج فور استيفائها الشروط القانونية، وأن انتخاب رئيس الجمهورية يجب أن يتم وفق أغلبية الثلثين كما نص الدستور، في إشارة واضحة إلى أن التفاهمات السياسية لا يمكن أن تحل محل النصوص الدستورية. ويعكس هذا التأكيد موقف القضاء من الحفاظ على الشرعية القانونية كمرجعية أساسية لاستقرار الدولة.
كما تناول زيدان في تصريحاته الثغرات الدستورية التي ظهرت بعد تطبيق الدستور منذ عام 2005، مشيراً إلى الحاجة لإصلاح دستوري متزن دون المساس بأساسيات النظام الديمقراطي، بما يضمن استمرارية الدولة وسيادة القانون. وأوضح أن اختيار رئيس الوزراء المقبل سيكون قراراً وطنياً مستقلاً، بعيداً عن أي تأثير خارجي، وهو موقف يلقى إجماعاً داخلياً ويعكس حرص القضاء على تعزيز السيادة الوطنية واستقلال القرار العراقي في السياسة والعدالة على حد سواء.
وأكد التحليل أن زيدان حرص على أن يكون القضاء الضامن الحقيقي لدولة القانون، مشدداً على أن لا أحد فوق القانون، وأن أي مخالفة أو تجاوز ستقابل بحزم، معززا بذلك الثقة العامة بالدولة ومؤسساتها، خاصة في مرحلة دقيقة تشهد جدلاً حول نزاهة الانتخابات واستقلال المؤسسات.
وفي المحصلة، تبدو رسائل القاضي فائق زيدان مزيجاً من الحزم والهدوء، حيث جمع بين تأكيد استقلال القضاء، والدفاع عن نزاهة الانتخابات، والدعوة إلى احترام الدستور كحجر الزاوية للنظام الديمقراطي في العراق. وتشير هذه الرسائل إلى أن العراق مقبل على استحقاق انتخابي محكوم بالقواعد القانونية وليس بالمصالح السياسية، وأن الدولة التي يحمي دستورها قضاء مستقل قادرة على تجاوز كل التحديات مهما كانت معقدة، مع تعزيز الثقة بين المواطنين ومؤسسات الدولة في الوقت نفسه.
هذا التحليل يعكس الدور الحيوي للقضاء العراقي في تثبيت سيادة القانون وحماية الديمقراطية، ويضع أمام جميع الأطراف السياسية رسالة واضحة بأن الشرعية الوطنية تسبق أي اتفاقات أو مصالح سياسية، وأن المستقبل السياسي للعراق مرهون بالالتزام بالقانون والدستور.





