الطعون تحت السيطرة… والمشهد الحكومي لن يهتز

المستقلة/- تتواصل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق بمعالجة الطعون المقدَّمة من المرشحين والكيانات السياسية عقب إعلان نتائج انتخابات 2025، في مشهد انتخابي بات مألوفًا خلال الدورات الأخيرة، لكنه يبقى — بحسب المختصين — ضمن الحدود الطبيعية ولا يشكّل تهديدًا لمسار تشكيل الحكومة المقبلة.

عدد الطعون… مؤشر لا يربك العملية السياسية

رئيس الفريق الإعلامي في المفوضية، عماد جميل، أوضح لـ”الصباح” تابعته المستقلة، أن عدد الطعون الحالية كان متوقعًا، مستشهدًا بانتخابات 2021 التي سجلت نحو 1400 طعن رغم أن عدد المرشحين حينها لم يتجاوز 3300، أي نصف عدد المرشحين تقريبًا في انتخابات 2025. ويرى جميل أن ارتفاع الطعون مرتبط في جوهره بغياب ثقافة تقبل الخسارة لدى بعض المرشحين، مما يدفعهم لتقديم الاعتراضات فور صدور النتائج، خاصة عند عدم تطابق ما حصلوا عليه من أصوات مع تقديرات أو وعود مسبقة.

وأشار جميل إلى أن معظم الطعون تتعلق بفروقات بالأصوات، لكنها تفتقر إلى الأدلة والوثائق الداعمة. ورغم ذلك، تؤكد المفوضية أنها تُلزم نفسها بدراسة كل اعتراض، وتزويد الكيانات بأشرطة النتائج لمطابقتها، قبل إحالة التوصيات النهائية إلى الهيئة القضائية المختصة صاحبة القرار الفصل.

الاستبعادات… تأثير محدود ومسار قانوني ثابت

جميل أكد أيضًا أن قرارات الاستبعاد التي تظهر بعد الانتخابات لا تُمثل تهديدًا حقيقيًا للمشهد السياسي، لأنها تطال عددًا محدودًا من المقاعد. كما أوضح أن المفوضية تُفضل السماح للمطعون بهم بخوض الانتخابات، كي لا تُحرم الأطراف المتضررة من حق الطعن القانوني فيما بعد، مع استمرار النظر في الشكاوى لضمان حقوق الجميع.

ومن الناحية الإجرائية، تستلم المفوضية الطعون خلال ثلاثة أيام، ثم تمتلك سبعة أيام لرفع التوصيات، فيما تبت الهيئة القضائية في آخر طعن خلال عشرة أيام، مع إمكانية اللجوء للعد والفرز اليدوي في بعض الحالات، وسط إشراف دولي مباشر لضمان الشفافية.

الجانب القانوني… الرقابة مستمرة منذ إعلان المرشحين

من جانبه، يؤكد نائب رئيس مجلس المفوضين الأسبق، سعد الراوي، أن المفوضية مخوّلة قانونًا بإصدار الأنظمة والتعليمات لضمان انسيابية العملية الانتخابية، مع ضرورة عدم التعسف في استخدام الصلاحيات. ويشير الراوي إلى أن التدقيق يبدأ منذ الإعلان الأولي للمرشحين، وتشترك فيه جهات متعددة مثل المساءلة والعدالة، الأدلة الجنائية، هيئة النزاهة وغيرها، التي تُفترض أن تُرسل ردودها خلال 15 يومًا.

ويبيّن الراوي أن الاستبعادات قد تُغيّر نتائج بعض الدوائر بسبب حذف الأصوات الخاصة بالمرشح المُستبعد، وهي تغييرات قد تنعكس سياسيًا، لكنها تبقى ضمن الإطار القانوني الذي ينتهي بقرارات الهيئة القضائية المصادَق عليها من محكمة التمييز، قبل إحالتها إلى المحكمة الاتحادية التي تُعلن النتائج دون الخوض في تفاصيل الأصوات.

ختامًا… طعون بلا صدمة

يُجمع المراقبون على أن الطعون جزء طبيعي من العملية الانتخابية، وأن ما يجري اليوم لا يُعدّ خروجًا عن المألوف. فالمفوضية تؤكد التزامها الكامل بالمدد القانونية والشفافية، فيما يصرّ الخبراء القانونيون على أن الضوابط الحالية كفيلة بضمان نتائج نزيهة.

ومع انتظار الحسم النهائي للمحكمة الاتحادية، يبقى المشهد السياسي في حدود السيطرة، بعيدًا عن المخاوف من أي تأثير جوهري على مسار تشكيل الحكومة المقبلة.

زر الذهاب إلى الأعلى